الدكتور فوزى خضر : قراءة فى إبداعات شاعرات الإسكندرية

إيمان يوسف
تتحدث الشاعرة إيمان يوسف عن تجربتها ونشأتها الثقافية والدوافع التى جعلتها تتجه إلى كتابة الشعر ... فتقول :
بسم الله الرحمن الرحيم
لى ثلاثة دواويت مخطوطة (فى زحمة المدينة) ، (مشاعر) ، (عيون الصبية) ـ
بدأت كتابة الشعر منذ حوالى 15 سنة وكنت قبل ذلك أسطر خواطرى حتى صقلت هوايتى بالثقافة وساعدنى على ذلك نشأتى فى أسرة فنية لأن أخوالى الملحن والمؤرخ الموسيقى خليل المصرى / وسعيد المصرى / والفنان حسين أنيس وقد شجعنى والدى على كتابة الشعر حيث عشقت الأدب والثقافة منذ الصغر ... اطلعت على مكتبة أبى التى تضمنت العديد من الكتب لأنيس منصور والسباعى ومصطفى محمود والعقاد ونجيب محفوظ وغيرهم مما يساعد هذا على الإدراك الحسى واللفظى وتوسيع المدارك وبحكم النشأة السكندرية أثرت فىَّ عوامل البيئة وهى عوامل الطبيعة التى لها الدور التذوقى الجمالى ، وكان لوالدتى أيضاً الفضل الكبير فى تعليم المبادىء والقيم حيث أنها قارئة نهمة للقرآن وكانت دائماً تحثنى على أن يكون المصحف هو الدستور .
ومن خلال الأنشطة الدراسية عشقت التمثيل والغناء والمسرح وكان أملى أن أدخل مجال الفن السينمائى حيث كان المخرج حسن الإمام يتنبأ لى بمستقبل باهر ولكن تقاليد عائلتى منعتنى من الاستمرار بالقاهرة فتحطم حلمى الذى راودنى .
كل هذا قربنى من القلم والوقة وجعلنى أسطر أحزان الحلم الضائع وقررت أن أخلص للكتابة وأجعل الشعر منهجاً من خلال مساعدة أستاذى محمد مكيوى الذى حدد لى مسارى الأدبى وشجعنى على اجتياز الصعب .
ومن خلال عشقى للكلمة عملت بالصحافة فى جريدة الحياة والأيام والسفير حيث أحسست بالمتعة الفكرية من خلال حواراتى مع الإعلاميين والأدباء المبدعين من خلال الكثير من التحقيقات الصحفية فى جرائد الأيام والحياة والسفير وغيرها .
وقد شاركت فى العديد من المهرجانات بمعرض الكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة وحصلت على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية .
أ ـ شهادة تقدير من الهيئة العامة لقصور الثقافة 1990 م
ب ـ شهادة تقدير من الهيئة العامة فى المسابقة الدينية 1991م
جـ ـ شهادة تقدير من جامعة الأدب العربى 1991/1992 م
د ـ شهادة تقدير من الهيئة العامة لقصور الثقافة فى مهرجان النبع الخالد 1993 م
هـ ـ شهادة تقدير من جمعية أدباء الشعب 1993 فى مسابقة الأغنية
و ـ شهادة تقدير من جريدة الحياة 1992 ، 1993
إصدارات :
1 ـ ديوان عرايس الشعر (مشترك) ـ مديرية الثقافة بالإسكندرية 1993
2 ـ ديوان تنهيدة صبية ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب 1995
3 ـ تبسيط مسرحية إيزيس لتوفيق الحكيم (للأطفال) ـ هيئة قصور الثقافة 1999 م
بالإضافة إلى دواوين أصدرتها على نفقتها الخاصة هى :
* مشاعر ـ وشوشة البحر ـ لحن الحنين ـ يافرح صاحبنى ـ مصر جنة تبتسم ـ أنيس قلبى ـ أحضان السنين ـ قلبك وطن (8 دواوين) .
قالوا عن الشاعرة :
شعر إيمان يوسف ترانيم تنسل إلى الروح بأنفاسها وصورها وشجنها فنحس بالتوافق بين المبنى والمعنى بحيث لا نكاد نتصور شيئاً آخر غير أن هذه الأفكار ينبغى أن تقال بهذا الشكل ، وهناك اعتبار آخر يتمثل فى هذه التلقائية التى تكتب بها إيمان يوسف أنها تبدأ الخاطرة وتنسل إلى أخرى ثم إلى لمحة ثالثة لكن ذلك يأتى من خلال حركة عفوية فى المعنى والتى تبدأ وكأنها مونولوج تبوح به لذاتها وله سمات العفوية البسيطة ولا شك أن هذه التلقائية سلاح ذو حدين فإنها قد تقود إلى بعثرة المحور الرئيسى الذى يدور حوله العمل الفنى ولكنها فى حالة نجاحها تولد شعوراً قوياً بالتجاوب بين النص والقارىء وهذا ما نجحت فيه الشاعرة فى كثير من همساتها فهناك الهم الرازح من غربة وحيرة وتعب ولكن هناك شيئاً ما يمضى ويدفىء هناك شروق على الرغم من كل شىء أن هذا الصوت الجديد لديه ما يريد أن يقوله وهى تقوله بطريقة فيها اللباقة والإقناع وفيها الشعر أيضاً وأتنبأ لصاحبتها بالمزيد من النجاح والتفوق .
د . محمد زكريا عنانى
مجلة الكاتب ـ 1/3/1992م
......................................
إيمان يوسف هى دينامو الحركة الثقافية فى الإسكندرية .
مجدى عبد النبى
جريدة الأيام 27/5/1990
......................................
إيمان يوسف شعر العامية الراقى وأنا أستنشق فى حيث إيمان لحبيبها نكهة جديدة متميزة .
فؤاد قاعود
مجلة صباح الخير 6/9/1990
........................................
إيمان يوسف من رموز الأدب فى الإسكندرية ولها مكانة سامية .
خيرات عبد المنعم
مجلة الفن والكاميرا 1/10/1993
............................................
الشاعرة إيمان يوسف تكشف تجربة الغربة فى المدينة التى كانت علامة من علامات الشعر الحديث ، وتنشد أغنية حب تتمنى أن تتسع للآخرين وللعالم من الخارج ، وتتحدث عن سجن النفس دون أن تتوقف أمام حقيقة أن هذا السجن كان هو المنفى التاريخى للمرأة ، مستخدمة إيقاعاً تقليدياً حتى لو كانت صورها جديدة ، ونهايات قصائدها تخرج على المألوف وفى عملها مشروع خاص يحتاج إلى دأب لكى يكتمل .
فريدة النقاش
أدب ونقد ـ نوفمبر 1993
...............................................
عندما نطل من نافذة البحر على عالم إيمان يوسف ونبحث فى قصائها نجد أننا أمام لوحات تشكيلية مغلفة برتم العصر وإيمان تؤكد فى حوارها الشعرى أن الرجل هو المعلم والأب والزوج والصديق ومع ذلك فالمرأة هى الأميرة صاحبة المملكة وهى الأمومة وهى الحياة وتطرح أيضاً قصائد إيمان يوسف قضايا من خلال فكر ومحصول لفظى يجرى كالماء على الزهر فى أحرف القصيدة فيكسبها النضارة والحياة .
محمد مكيوى
مقدمة ديوان عرايس الشعر
................................................
وقد تخيرنا عدداً من قصائد الشاعرة تشير إلى المستوى الفنى الذى وصلت إليه :
خيوط
مين غيرك
راح يرفى القلب التمرغ
ويلف الأنفاس الشرقانة
وينسف أحزانى
ويداوى حروفى
ويلملم فـ ضلوعى تلتئم الممات
مين غيرك
هايضفرلى النرجس فى عروقى
ويحافظ عـ البسمة تتفلت من روحى
ويعلق لى ستاير منقوشة بأشواقنا
ويدوب لى فـ كاس الحيرة أمان
ويلمع لى مراية العمر
تعكس لشبابى الورد
مين غيرك
يمسح تعبى المتعفر
من قلق العتمه الساكنه فـ قلبى
ويطير زمنى القلقان
المغموس فـ التوهة
مين غيرك
حـ يهدى نار المشاوير من هلع الرعشة
تتلحن من حوايا الحواديت
مين غيرك
حاتنفس شوقه
واتنشق عرقه
ويدوقنى النشوى فـ همسة
يسحر لى الهنا ألوان
ويهدى صرخات الوجدان القايد
من تكشيرة الحيرة
مين غيرك
راح يلمس كف اليوم
ويذوق أحضانه بلهفة حبه
مين غيرك
مين غيرك
ــــــــــــــــــــــــــ
زلزال
نسيت العمر
وبقيت قمراية
بعيون مسحورة
تبهر مخاليق الأرض
وعشانك ، حسيت وصحيت ومشيت
وأديت وعديت على شمس الفرح
وحطيت حلمى فـ حجرك ترويه
لجل مايطرح من نورك تل
وصابتنا العين
ولقيته واحد ما اعرفهوش
بتدوس على غيطى
ورغيفى بقى بايت فـ بلاط الليل
مدفوسة الشمس فـ عيون وارمين
حسدونى على قلبك
صبحت أنوارك فـ عيون الوطاويط
والحيط بقى صاحب حافى
باع حضنه الدافى
وبقى بينى وبينك مهدود
واليوم مقبوض "محبوس" محسود
ونهارى واقف ء لى بابك
بيخبط ويهاتى ويترجاك
لجل ما تفتح وتزيح موتى
من على كفى المجروح
يا ناسينى
الشيبه خلاص ماليه سنينى
يا رامينى . احمينى
ما تبقاش حاكم ظالم
من غير أسباب
وتصدر حكمك بالإعدام
على بينى وبينك

ــــــــــــــــــــــــــ
عطش
ـ 1 ـ
لما الغراب عذب القلب اللى نايم
على سرير السلام
وبدر جنون القلق
زقزق العصفور من صبح النور
مدوا إيدين الأسئلة
فـ ماعون الحق
رجعوا المستحق
غطوا مدينة التعب
ـ2ـ
شوارع الصدق تاه ولادها
اتبعزقوا ويا شبابيك الهوى
وبطن الليل على سلم الوقت
كعبل الياسمين
ـ 3 ـ
مسكينة ... اتسكنت
ولما اتمسكنت
طاحت ودوايرها
وعلى اديها اتنفس لون الجنون
وسرح فـ الصهللة
ولما صوت الجوع علا
ضاعوا الولاد
ويا سحابة المدى
لأن الجوع
ما يعرف سياسة ولا فلسفة
الجوع
ما يعرفش
لا سياسة ولا فلسفة
علشان كده
ضاعوا الولاد
ــــــــــــــــــــــــ
عاصفة فـ القلب
بتبعدنى ... تقربنى
يا متوحد فـ حرمانى
بتملكنى . بتحصرنى . بتعجبنى فـ أفكارى
وتمحينى وتلغينى
ومخنوقة
وأنا محتاجة اتنشق هوا دافى
يبث الدنيا فـ عروقى
ويزرعنى فـ مداير شوق
وجوايا بيتمرد
على وديانك وأنهارك وأشعارك
وأنفاسى بتتشنف وتتحصر
خضوعها الآلى لوجودك
وبتنادى بعصيانك
وتبدر صرخة فـ جناحى
نفد صبرى
وخلاص الآه ملا صدرى
ومخنوقة
راح أرمى حمل أطواقك
واحور كل أسوارى
وأفكارى ومملكتى
أنا رافضة أكون لك شىء بتمتلكه
نفد صبرى
وحاتنفس
وأكسر حمل أطواقك
************
يتبدى دفء المشاعر الإنسانية فى قصائد الشاعرة إيمان يوسف حيث يدور معظم أعمالها فى مساحة التعبير عن تجربة الحب بحالاتها المختلفة من أشواق متأججة ومشاعر فياضة ، وهجر حيناً وغربة حيناً آخر وآلام مع أمل دائم فى غد أكثر إشراقاً ، وترسم كل ذلك بتعبيرات بسيطة قريبة التناول من المتلقى .
دكتور فوزى خضر

الأستاذ الدكتور محمد زكريا عنانى ، والأستاذ محمد مكيوى فى قراءة فى ديوان مشاعر

ومضة
مجموعة "مشاعر" ـ من شعر العامية ـ تمثل نمطاً رفيعاً من الآداء الصافى الذى يجمع بين الحس الرومانسى مع نفحة واقعية تعكس روح العصر وتنبض بالمتغيرات الفكرية والفنية والاجتماعية السائدة الآن .
والشاعرة "إيمان يوسف" تملك موهبة التعبير بالصورة والجملة الموحية والإيقاع الدافىء النابض بالأحاسيس ، ومن هنا فإن هذه المجموعة جديرة ولاشك بأن تأخذ طريقها للقارىء لتؤكد قيمة هذه الأديبة السكندرية المتميزة .
دكتور / محمد زكريا عنانى
أستاذ الأدب العربى بجامعة الاسكندرية ـ وأستاذ الأدب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز بجده ـ السعودية ـ ورئيس مجلس إدارة هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية  ـورئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس المحلى بالإسكندرية
*************************************************
قراءة مختصرة فى ديوان (مشاعر)ـ
الشعر هو الاستخدام الفنى للطاقات الحسية والفنية إلى جانب الموسيقى والخيال والمواقف الإنسانية من خلال "كمبيوتر" العقل البشرى من ذكريات الماضى والحاضر .
والقصيدة فى الفصحى والعامية هى قضية تعرض من أعماق الذات فى إطار موسيقى يتضمن الأخيلة والصورة الشعرية .
ورغم اختلاف المذاهب الأدبية ، نجد أن الشعر يحتوى على كب هذه المذاهب ، وأعتقد أنه لايوجد خصوصية فى الأدب شعراً ونثراً ، وحين نكتب تجربة خاصة نجد أن هذه التجربة تنفلت وتصبح صورة من صور المجتمع حتى فى السيرة الذاتية .
ويؤكد هذا أن المبدع هو محصلة تجارب وثقافات ، يأخذ ليعطى ، والأمثلة على ذلك كثيرة .
وعندما ننتقل إلى الوعاء الشعرى نقول أنه الإطار الذى يصب فيه قصيدته ، وهنا يتضح أن الشكل فى بناء القصيدة ليس هو المهم لكن المهم القصيدة ذاتها .
كما يحلو للبعض من النقاد وغيرهم أن يطلقوا على ما تكتبه المرأة من أدب بعض المسميات ، خصوصية المرأة ، الأدب النسائى ، وغير ذلك ، وأستطيع أن أقول أن هذه المسميات فى غير موضعها بالنسبة للمرأة أو الرجل فكثير من الرجال عبروا عن المرأة بصدق ، وكثير من النساء عبروا عن الرجل .
وأمامى مجموعة من الأشعار العامية عنوانها (مشاعر) للشاعرة "إيمان أحمد يوسف" ، والشاعرة إيمان لها نشاط ملحوظ فى المحافل الثقافية فى الاسكندرية وخارج الاسكندرية .
وربما يظن البعض أنها مشاعر خاصة بالشاعرة ، ولكن الحقيقة أنها مشاعر تدور حول صور وقضايا المجتمع الذى نعيشه ، فالحب ركن أساسى فى المجتمع والوطن الكيان الشامخ الذى نعيشه ونحلم بأنه يسود ، وقضايا الإنسان مهما اختلفت من شخص لآخر ، لكنها فى النهاية ، تعبر عن ضمير وأحلام الإنسان فى الواقع وفى الخيال .
إذن نحن أمام مجموعة من القصائد تعبر عن المجتمع الذى تعيشه الشاعرة تناولتها بكثير من النعومة وبإحساس مرهف لذا جاء عنوان الديوان مطابق للمحتوى .
والشاعرة "إيمان أحمد يوسف" اختارت الشكل الحديث لتصب فيه الصورة التى تعبر عن المضمون الذى تريده فهل نجحت ، هذه الإجابة نتركها للمتلقى .
لاشك أن السباحة فى مجال الحداثة لها مخاطرها وإذا حسبنا تجارب رموز شعراء العامية ، بيرم ، حداد ، جاهين ، كانت خطواتهم محسوبة وأكدوا أن الحداثة لا تأتى من فراغ أو من تقليد النماذج الغربية كما فعل معظم شعراء الفصحى ولكنهم خرجوا بالنماذج المعاصرة من خلال التراث المصرى وحكمة الشعب ومأثوراته الشعبية وموسيقى وأوزان الزجل .
والشاعرة "إيمان يوسف" تأثرت فى البداية "بهيصة" تقليد دعاة التحديث ، والبنيوية والتجريب الملغز والسريالية ولكنها سرعان ما استعادت توازنها وبدأ يقيم الميزان الشعرى فى ضمير الشاعرة .
وفى هذا الديوان "مشاعر" الذى يضم 50 قصيدة نتعرف بسرعة على هوية هذا الشعر الذى يتدفق مع ينابيع الحياة فى تجربة طازجة أحياناً منيرة وأحياناً معتمة فنجد الشاطىء والشمس والأمل ، كل رموز التفاؤل ونجد أيضاً خريطة الملل تلاوين الوشوش ، صوت الجوع ، رموز كثيرة من القلق ، من خلال عطاء متدفق .
حقاً انها مجموعة مشاعر تقدمها إيمان يوسف فى موسيقى مرتبطة بمفردات الحروف .
ومن مميزات "إيمان يوسف" محصولها اللفظى الثرى الذى يتفق مع موضوع القصيدة تأكيداً للمقولة التى نتفق فيها مع النقاد بأن الشعر تجربة لغوية .
واللغة تأتى فى المقام الأول لثراء القصيدة ، والوجود الشعرى عند إيمان يأتى نت خلال اللغة والروافد الشعرية فى ديوان "مشاعر" لابد للمتلقى أن يقف أمامها ويلتقط أنفاسه من سرعة الإيقاع الواضح فى معظم قصائد الديوان .
ودعونا ندخل عالم إيمان يوسف الشعرى ونغوص فى المشاعر ...
تقول إيمان فى نهاية قصيدة نغم التى فى بداية الديوان ...
إحساس بيربطنى
برعشة كف إيدك
ويا مشاعر من وهج
والنبض يعزف مولدى
والقلب ينده ع الأمل
دا يبقى موال الحياه
أحلا قصيدة حب
تعزف أحلا لحن
كما تقول فى قصيدة شاطىء ...
ونسمايتى بترويها كفوف شوقك
وبسمايتى ترطب حدة المشوار
معاك انت
لقيت وطنى ومأوايه
يا مرسايه
ميلادى ابتدى وياك
أحاسيس عاشق أو عاشقة عندما يولد الحب لكى يعيش وتذكرنى الشاعرة "إيمان يوسف" فى شعرها الحالم ، بمقولة الفيلسوف الهندى العظيم الشاعر "طاغور" يقول لتأكيد الود بين المحبين (عندما لاتجد العواطف ما ينميها يجف الوجدان ويسقط الحب كأوراق الخريف) وهكذا يؤكد حكمة ابن البلد فى مقولته (البعد جفا) .
وحول العتاب فى قصيدة نصيب تقول :
علق شراعك
برا قوانين الانكسار
برا كردان الضلام والانتظار
حاول تشق فـ يوم طريق
وتلاقى قلب ...
ورغم أن الموضوع الذى تطرحه "إيمان" واضح ولكنها تحاول التغريب من خلال مفردات الألفاظ وهذا أسلوب نجده فى معظم قصائد الشاعرة ...
وعندما تتحدث عن الوطن نراها تذوب عشقاً
أنا وقلبى
بنتعلق فـ مرجيحة
ونتشعبط سوا فـ الريح
بنتدارى من الأيام
وحبى فـ الخلا شارد
وقلبى عمره ما يعاند
رقيق طيب
أنا وحبى فـ حضن الليل ... نجمايه
تداعب كل أفكارك
وانا والحب سمارك
كما نجد أن الخط واضح فى معاناة الشاعرة وهو البحث عن شىء ما فى مجموعة قصائدها مثل النورس ، الحقيقة ، الجوع ، ترحال ، كناريا ، سندريلا ... ونتوقف أمام قصيدة (ضمة حضن) :
شنط الأحداث
ملياها الناس
حكايات ... صراعات
ووجوه فـ زحام
إشارات
أوهام
خاليه م الود
وم الأحلام
كما تقول إيمان وهى تبحث عن هذا الشىء فى قصيدة "التوهة" ...
الريح بتتغلب عليه
م العمر تسحب ضحكتى
والقلب دمعه ع الورق
مصلوبة على خط انتظار
فارده جدايل حزنها
مغموسه وردة فجرها
بين الرحايه والحجر ...
الجلد يتقطع نسل
والدم مش لاقى العروق
وفى معظم قصائد الديوان (جرأة) اللفظ والتعبير (الشقى) ولنستعرض بعض الألفاظ ... ، شوق الدلع ، اتنفس شوقه ، اتنشق عرقه ، ويدوقنى النشوه ، ورميت فـ عروقك دمى ، سافر فينا ، وتشكلنى فـ بدن الجسم ، دوب كل جليدك ... ونتوقف أمام هذه القصيدة (موقف) :
مش حاقبل فتافيتك
(وبواقى) أحاسيسك
ياتكون لى بالكامل
(يا حفرفط عناقيدك)
إلى أن تقول ...
مالقيتش اللى يقولك
كلمة صدق تهمك
(يا أنانى فـ أحاسيسك)
هذه التعرية اللفظية ربما لها ما يبررها فى موضوع القصيدة ، أى تريد الشاعرة أن تؤيد خيال الفعل .
ولكن البعض وأنا منهم أفضل تغليف اللفظ على أن يعطى دلالة المعنى .
وهذا يؤكد للمتلقى أن الشاعرة تسعى إلى ضم بعض المحصلات اللفظية إلى قاموسها الشعرى .
عموماً فإن حرية المبدع لاتقيد فى اللفظ أو الموضوع ولكن !! هى أفكار راودتنى وأنا أتصفح الديوان ، ونعود ونقول :
البحث هو دائماً رؤية الشاعر ، ولكى لاتطول الصفحات فى هذا المختصر وفى عجالة سريعة أؤكد أن معظم قصائد (إيمان يوسف) فى هذا المحتوى جديرة بأن نتوقف أمامها .
وكنت أود ذلك والإيجابيات كثيرة تحتاج منا إلى التحليل ،  ومن خلال المحاولة الجادة التى قامت بها الشاعرة ، وقدمت لنا وجبة من شعر العامية الإنسانى ، من فكر ومشاعر تفيض بالحب والعطاء .
أقول بمنتهى الأمانة أن (إيمان) حاولت أن تقدم الجديد المتميز فى معظم قصائد الديوان ... من خلال الموسيقى والفكرة والحدث والروى من منظور أحاسيس مرهفة .
ونود أن نرى المزيد من الأعمال الجيدة التى تتوج بها مشوارها الأدبى فى مجال شعر العامية من خلال (مشاعرها) المعطاءة .
وكما تتألق (إيمان يوسف) فى المحافل الأدبية واللقاءات الثقافية بشعرها الجميل نطمع أن تقدم المزيد من الأعمال الناجحة من خلال موروث ثقافى متطور يعبر عن الذات المصرية وإيقاع العصر .
والله الموفق ،،،
محمد مكيوى

قراءة فى ديوان وشوشة البحر
تقديم بقلم : الأستاذ الدكتور محمد زكريا عنانى
أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب ـ جامعة الاسكندرية ـ ورئيس مجلس إدارة هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية
هذا الديوان الرابع (وشوشة البحر) صاحبة هذا الديوان الشاعروة إيمان يوسف واحدة من أبرز شعراء العامية فى مصر الآن ولها حضورها الفعال فى لقاءات الشعر بالإسكندرية (هى عضو اتحاد كتاب مصر وعضو هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية) وعملت فى مجال الصحافة لعدة سنوات ،، وبلقاءات معرصض الكتاب بالقاهرة فضلاً عن إسهامات متنوعة فى الإذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات المصرية والعربية وأيضاً لها قصائد غنائية متنوعة ذات مذاق خاص ... بدأت تشق طريقها إلى الآذان بل القلوب .
هذا الديوان الأنيق عالم من الأحلام والأشواق والصور الهامسة الرقيقة الموحية التى انسابت من أنامل هذه الشاعرة التى أعطت للفن كل طاقتها فأعطاها الفن هذا الفيض من الأعمال الجيدة التى تتوالى لتقترب من النص المشحون بالنجوى والحيرة والانفعال وفيما يبدو أن مرجع هذا لأنها تجاوزت مرحلة كبير من التأثر والتلقى ووجدت ومن جد وجد .
وقدر صدرت للشاعرة من قبل ثلاثة دواوين وفى هذا ما يطمئن على مدى إصرار إيمان يوسف على المضى قدماً فى مضمار الفن ، الديوان الأول (عرايس الشعر ـ مشترك) ، الثانى (مشاعر) ، الثالث (تنهيدة صبية) ، والرابع (وشوشة البحر) ـ
ومن حسن الحظ أن كاتب هذه السطور شهد المحاولات المبكرة للشاعرة ، وتابع كتاباتها التى اتسمت بالطواعية والحيوية والقدرة على رسم الملامح الداخلية لدنيا المرأة من غير افتعال أو مبالغة ، وقد تابعت مع توالى الأيام صقل موهبتها حتى وصلت إلى هذه الدرجة العالية من الإجادة .
ومن البين أن عالم إيمان يوسف ممدود المدى بما ينبض فى شرايينها وما يتحرك حول أيامها من شئون وشجون ، ومن ثم فإن بين التجارب وشائج قربى ، على أن ما يغفر للشاعرة ذلك أنها صادقة فى جميع الأحوال ، وأنها تعرف كيف تضفى على قصائدها السمات الأنثوية المتوهجة التى تذكرك بملمس المخمل وأوراق الورد وتنهيد الصبايا ....
وهى صاحبة جملة جميلة من حيث المعنى والمبنى وما أكثر النماذج الجيدة فى ديوان (وشوشة البحر) فى قصيدة (ملامح فجر) راحت تشدو :
كتبتك فوق سطور عمرى
ملامح فجر
ومديت لى شعاع دافى
بيطوى لى صعاب الهجر
ومابين الشمس وغروبها
غزلتك جوا تكوينى
هكذا اهتدت سجية الشاعرة إلى التجربة الحارة لترسمها بأناه ومن غير افتعال ، والنتيجة أننا نجد أنفسنا أمام انفعال إنسانى صادق أتى من خلال ألفاظ وأفكار بسيطة متجانسة مع روح التجربة ، وضاعف من حيوية الأداء هذا الإيقاع المترنح بالشجن والنعومة ، والذى أسهم بفاعلية مع بقية مفردات التجربة ليصنع قصيدة جميلة حية مؤثرة وليسطع أمام أعيننا الدليل ... ووجدت نفسها فى هذا الطراتز من التجارب الذاتية الحميمة الصادقة
على أن للشاعرة من الوعى ما يجعلها لا تقف عند حد منابع الأنا ولا تدور فى سائر أعمالها حول نفسها فأنها تدرك أن هناك كوناً وعالماً يصخب بالمسئوليات والتحولات والقضايا العامة ، وهكذا كانت لها وقفة أمام الكمبيوتر ومناجاه القاهرة وبيكاسو والحرية ولكن دون أن تنسى خصوصيتها التى تبدو ـ وعلى الرغم من الألم الدفين والحيرة والاحساس والاغتراب متوهجة
قصيدة (إحساس فاقد النطق):
فى الساقية
مربوط الفجر
فى عيون الهجر
أسراب الطير
فى أتواب الأسر
والصمت الساجد
للغربة
أوراق منثورة
إن هذه التجربة البسيطة تسللت إلى القلوب وسط فيض الصور التى ترفرف والقارىء يستمع إلى هذا الشدو الآسر وكل شىء يبدو فى الظاهر شديد اليسر إلى حد أنه يشبه هذه الأغانى الفلكلورية الشعبية ولكن مفردات الجمال هنا من التنوع والثراء بمكان .
وفى قصائد إيمان يوسف شجن عميق تحاول أن تخفيه ، وإحساس بالمرارة بإزاء كل الأشياء الرديئة التى ترزح على صدر الأيام من زحام وقلق وخوف من الرحيل ومن موت الفرح ومن غدر الليالى وحراب الغربة وفى قصيدة (يا بحر يا صاحبى) :
يا بحر يا صاحبى
ضهرى بقى محنى
من كتر أمواجك
يا بحر صدرى فاض
توب القلق فضفاض
وما أبسطها وأعمقها وهى تبوح وتهمس فى براءة وود وإنسانية غامرة
وباشوفك على سطح الميه
وفى حبة رمل فى ايدية
بصالها فى سخابها التايه
أحلامنا فـ الخيمة الزرقه
تلقانى هلالك بيدلك
ومن حسن الحظ أن إيمان يوسف تزداد مع الأيام تمكناً من وسائلها الفنية ، خاصة الصور والإيقاع ، وأنها فى مجموع ما تكتب لا(تخطب) وإنما تدع الحروف والكلمات هى التى تتجمع فى لجة الفن لتنسال بعد ذلك على هواها ، لتنطق قصائدها مثل العصاقير فى آفاق الربيع ، تغرد للحب والصفاء والجمال .
أ . د . محمد زكريا عنانى

الأستاذ جابر بسيونى : قراءة فى ديوان أنيس قلبى للشاعرة إيمان يوسف


سيكولوجية امرأة معاصرة
دراسة فى ديوان "أنيس قلبى" للشاعرة / إيمان يوسف
منذ بدء الخليقة والإنسان يسعى إلى الأمان فى الزمان والمكان وتتعدد صور هذا الأمان فقد يتمثل فى صورة مال أو ثروة تؤمن الإنسان من عثرات الدهر وقد يتحقق فى صورة جاه أو صولجان يرضى غرور الكثير ، وقد يتجسد فى صورة صديق أو قريب أو حبيب ، والسبيل إلى ذلك هو الإنسان ، أى أن الأمان يتحقق للإنسان بوجود الإنسان ، وفى قربه يطمئن ويأنس ويحيا آمنا هادئاً وينعم بدفء العمر والخطو والحلم الجميل البرىء .
والصورة الأخيرة من صور الأمان هى مقصد كل قصائد "أنيس قلبى" ديوان شعر العامية للشاعرة السكندرية "إيمان يوسف" التى لا تكاد تخلص إلى بوح نفسى حتى يغمض عليها بوح نفسى آخر ولا تكاد تنتهى من الاعتراف بحلم مفقود حتى تتهيأ للاعتراف بآخر وهى بذلك تقدم لنا صورة متعددة الأشكال لسيكولوجية امرأة تبحث عن الأمان فى زمان يئن من قسوة الإنسان أو بتعبير أكثر تحديداً سيكولوجية امرأة تفتقد إلى دفء الروابط الإنسانية .
فهل ترى ... هى سيكولوجية "إيمان يوسف" أم أنها سيكولوجية المرأة الجديدة المعاصرة لهذا الزمان والتى خرجت للعمل تاركة دفء الأسرة فى المنزل كى تؤازر الرجل أو لتثبت وجودها باحثة عن دفء حياة أشمل ومستقبل أرحب ، فتشتت وتاهت فى فضاء ناس بلا جدران بعد أن تعاملت مع الواقع وتعامل الواقع معها فأمست باحثة عن دفء الإنسان وعن الأمان لاسيما بين جدران منزلها الصغير ... وتأمل قولها فى قصيدة "جوه سجن الاكتئاب" :
من جوه
سجن الاكتئاب
باكتب رسالتى
أنا باعنى من غموض
الانقباض
والاعتراض
والافتراض
أما الوداد
خارج حدود كل البلاد
وانا هنا
عذبنى سجان الضمير
ساحبنى لوم غاوى حسابى كل يوم
جوه ساعات
الاتهام
والالتحام
والالتزام
بين المشاكل والبشر
إلى قولها :
والسجن كون
تبقى مابينه
جوه حاله
لا أكون
ولا أى لون
غير السواد
أو الحياد
أما الجواد
دا حلم فارس
من سنين
وأكيد حييجى يوم
يحن وأركبه
واخرج معاه
بره مساحة الاكتئاب
ونرى هنا أن الشاعرة محبوسة فى سجن ذاتى بعد أن صدمتها صور الحياة الأليمة من غموض وانقباض واعتراض وافتراض واحتياجها إلى الوداد والحنان والأمان الذى أصبح خارج حدود كل البلاد وهى حالة اكتئاب تتجلى بوضوح فى الاحتياج إلى منقذ ، وهذا المنقذ مفقود تارك ثلج الكون يحيط بخارج الشاعرة ويتخلل داخلها ويتضح ذلك فى قصيدة "أترجى برودك" ص 36 :
يا وجع التلج فاغر البرد
غناك فـ ودانى بيحتد
على المد اللى ما بيتهد
يا ثلج الكون
أترجى برودك
يعتقنى
وما أشد الحاجة إلى أنفاس إنسان صادقة لا قاسية تشعر معها الشاعرة بالدفء وتذيب لها ثلج هذا الكون ويتأكد ذلك فى قصيدة "مواجهة" ص 31 ، وفيها تجيب الشاعرة عن سر هذا الثلج بقولها :
القسوة فـ قربك هى سر جليدك فـ جبينى
يا فارش لى نهارى بشوكك
وأمام البحث عن هذا الإنسان تصل الشاعرة إلى الشك فى كونها إنساناً تملك مصداقية الإحساس ـ حتى ـ بنفسها قبل الناس .
وتأمل قولها فى قصيدة "إنسان" ص 82 :
الدنيا بتعلم
الحب بيعلم
وانا لسه با تعلم
إزاى أكون إنسان
أنا عايزه أكون نفسى
أسمع صدى حسى
بالصدق والقوة
والحب ومروة
أدى اللى حواليا
قبل ما أقول ليا
وحنين ما بين أشواق
من غير بعاد وفراق
يا حب يا دوايا
كفايه بقى كفايه
جرحتنى دايما
أنا عايزه ضحكايه
وشموعى وبدايه
وهو نتيجة منطقية ومتوقعة أن تصل الشاعرة إلى مرحلة الحلم والأمنية والبحث عن الأمل فى منطقة اللاوعى محدثة ذاتها من خلال مونولوج داخلى يعكس حالة المرارة والفقد لهذا الحب الآمن وهذه الضحكة وتلك الشموع والبداية ، وهى حالة سيكولوجية لا تصيب إلا من هو فى مثل هذا النسيج النفسى للشاعرة والتى يتجسد حسها فى هذه الكلمات من قصيدة "صباح الجنة" ص 5 :
أنا عصفور ... يناجى الكون ... ويتودد
لأحلى ملاك ... صباح الجنه... حاستناك
فلقد رسمت الشاعرة صورة طباعها وخصالها وإحساسها ومشاعرها بمهارة وتحديد لا يقبل التأويل ، فهى عصفور ـ رمز البراءة ـ يحب هذا الكون ويتمنى الأليف الملاك لكى يحيا معها فى جنة تتجسد فى الواقع ... ولا تفقد الأمل فى وجوده بقولها حاستناك ولكن إلى متى ؟!!
وهى ـ لم تزل ـ ترسم اسمه وتكتبه ولا يضمها إلا على الورق وفى أحلام اليقظة ... وتأمل قولها فى مطر السواقى ص 77 :
فرقتنى ولملمتنى ... بارسم فـ إسمك واكتبه ... من طول بعادك ضمنى
وأمام ما سبق من اكتئاب وأحلام يقظة وأمنيات مفقودة لا تفقد الشاعرة قدرتها على التماسك والابتسام ومحاولة غسل تكشيرتها ... ص 28 :
واقعد ... أحاول أفهمه ... أمسح دموعى
تترمى من تانى أكتر ... أغسل فـ تكشيرتى
ما ترضاشى تتنضف ... نكد اترسم كالوشم ليه
واعمل له إيه ... حا حاول أصحى ... يمكن الحلم الكابوس ينتهى
والصحوة هنا ليست من النوم ولكنها من واقع كئيب يشبه الكابوس فى نفس الشاعرة .
وفى قصيدة "وصية" تجد الشاعرة فى ابنتها أمنية المعادل الإنسانى لتحقيق حلمها ولذا تسعى لكى تحذرها من هذا الواقع ومن الوقوع فى براثن الغليان الذاتى الانفعالى من جراء الهم والحزن ومن صراع القلب فى دوائر البحث عن الحنان ... وفيها تقول :
عيدى فـ صياغة نفسك
وآمنى للأزمان
شىء م القلق عادى
بيصاحب الإنسان
لكن فـ تكراره
بيتعب الأبدان
قومى اصلبى عودك
وادعى للرحمان
والابنة امتداد للأم ولا تبخل الأخيرة على الأولى بالنصيحة لأن فى عمرها عمراً ثانياً لها ولا تنسى أن تحصنها بالدعاء إلى الرحمن وقصد الله ـ سبحانه وتعالى ـ كمنقذ عقائدى .... وفى قصيدة "أنيس قلبى" وهى عنوان الديوان والمقصود به هو خال الشاعرة / حسن أنيس وطبيعى أن تلجأ الفتاة إلى حضن الخال للاحتواء والانتماء والحماية والولاية فالخال والد وقد نجح الخال فى توفير كل ذلك للشاعرة ، وفيها تقول :
أنيس قلبى مآنسنى
أقول الآه يونسنى
ولو بكيت يحايلنى
ويمسح دمعتى بإيده
ولكن هل يغنى الخال عن الحبيب المنشود وعن الرجل الملاك الذى تنشده الشاعرة لكى يحيا معها فى جنة الواقع ؟!
والإجابة قد تكون فى قصيدة "لإمتى" التى تعكس صراع الشاعرة مع الواقع ومع الزمان ، لكى تفلت من خوف ومن جرح وبكاء ، ولقد برعت فى تجسيد كل ذلك من خلال صورة شعرية مكتملة الأبعاد من حركة وصوت وصورة وتأثير :
ولأمتى حنطوف ... بصوانى القلق المتخفى فـ عب السنوات وآهات العمر
وفيما سبق يتضح لنا الخيط الرابط لقصائد الديوان والذى يتلخص فى رسم سيكولوجية المرأة التى يعوزها الإنسان الأمان ، وقد نجحت فى توصيله للقارىء ببساطة تعبير وتعدد التناول وصدق وتلقائية الصياغة الشعرية .